اثبت بعبقريته الأدبية والفلسفية أن التعليم النظامي لا يُعد شرطًا لنبوغ صاحبه،
فعلى الرغم من كون الأديب والمفكر محمود عباس العقاد أحد رموز عصره الأدبية إلا أنه لم يتلق تعليمًا فريدًا،
فعلى الرغم من كون الأديب والمفكر محمود عباس العقاد أحد رموز عصره الأدبية إلا أنه لم يتلق تعليمًا فريدًا،
واقتصرت دراسته على المرحلة الابتدائية فقط؛ لعدم توافر المدارس الحديثة في محافظة أسوان، حيث ولد ونشأ هناك،
كما أن موارد أسرته المحدودة لم تتمكن من إرساله إلى القاهرة كما يفعل الأعيان.
واعتمد العقاد فقط على ذكائه الحاد وصبره على التعلم والمعرفة حتى أصبح صاحب ثقافة موسوعية لا تضاهى أبدًا،
ليس بالعلوم العربية فقط وإنما العلوم الغربية أيضًا؛ حيث أتقن اللغة الإنجليزية من مخالطته للسياح المتوافدين على محافظتي الأقصر وأسوان،
مما مكنه من القراءة والإطلاع على الثقافات البعيدة.
وكما كان إصرار العقاد مصدر نبوغه، فإن هذا الإصرار كان سببًا لشقائه أيضًا، فبعدما جاء إلى القاهرة وعمل بالصحافة،
صار من كبار المدافعين عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال، فدخل في معارك حامية مع القصر الملكي،
مما أدى إلى ذيع صيته واُنْتخب عضوًا بمجلس النواب.
العقاد سجُن بعد ذلك لمدة تسعة أشهر عام 1930 بتهمة العيب في الذات الملكية؛ فحينما أراد الملك فؤاد إسقاط عبارتين من الدستور،
تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسئولة أمام البرلمان،
ارتفع صوت العقاد من تحت قبة البرلمان على رؤوس الأشهاد من أعضائه قائلًا:
«إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه». وفي موقف آخر أشد وطأةً من الأول،
وقف الأديب الكبير موقفًا معاديًا للنازية خلال الحرب العالمية الثانية، حتى إن أبواق الدعاية النازية وضعت اسمه بين المطلوبين للعقاب،
وما إن اقترب جنود إرفين روميل من أرض مصر حتى تخوف العقاد من عقاب الزعيم النازي أدولف هتلر،
وهرب سريعًا إلى السودان عام 1943 ولم يعد إلا بعد انتهاء الحرب بخسارة دول المحور.